من البيانات إلى القرار: كيف تصنع بيانات الموارد البشرية سلوكًا وظيفيًا أكثر التزامًا؟

في أغلب الشركات، يبدو التعامل مع بيانات الموظفين كأنَّه تمرين إجرائي لا أكثر؛ نماذج تُملَأ، وتقارير تُصدَّر، وأرقام تُحفَظ في أدراج البرامج من دون أن تُفتَح فعلًا. قليلٌ من الأقسام يدرك أنَّ خلف كلِّ رقم حكاية، وخلف كلِّ معدَّل دوران وظيفة، وقلب مُرهَق، وبيئة طاردة، وفرصة ضائعة.

تحليل بيانات الموارد البشرية ليس أداة لمراقبة الأداء، ولا وسيلة لتقويم السلوك الوظيفي فحسب؛ بل هو في جوهره مرآة صادقة تكشف ملامح الانسجام أو التشقُّق في ثقافة الشركة. إنَّه الفنُّ الذي يحوِّل الجداول إلى نبضات، والخانات الفارغة إلى مؤشِّرات خطر يجب الإنصات لها.

New call-to-action

 

لكن هنا يتوقَّف كثيرون؛ يجمعون البيانات، ويقرأون التحليلات، ثمَّ يعودون إلى مكاتبهم من دون أي خطوة فعلية. في حين أنَّ الشركات التي تفهَم اللعبة حتَّى آخرها، هي التي تسأل: “وماذا بعد التحليل؟”
هذه الشركات هي التي تُدرك أنَّ تحسين الرضى الوظيفي لا يكفي أن يُرصَد، بل يجب أن يُبنَى، وأنَّ برامج المكافآت الذكية ليست ترفًا، بل امتدادًا مباشرًا لفَهمٍ دقيق بالاحتياجات التي كشفتها البيانات.

هذا المقال محاولة لطرح الأسئلة التي تُؤلِم، لا التي تُطَمئِن.

ومحاولة لتقديم منظور مُختلِف؛ كيف يمكن للبيانات أن تتكلَّم؟ وكيف يمكن للأدوات الصحيحة، مثل حلول رسال للأعمال، أن تجعل من كلِّ رقم قرارًا، ومن كلِّ ملحوظة خطوة في الاتجاه الصحيح؟

ما المقصود ببيانات الموارد البشرية؟ ولماذا لا تُعامَل كأصل إستراتيجي حتَّى اليوم؟

في أغلب الشركات، حين نذكر “بيانات الموارد البشرية”، تُطوَى الجِلسة إلى مِلَف Excel؛ كأنَّنا نتحدَّث عن أعمدةً من الغياب، أو تواريخًا للتعيين، أو أسماء الموظفين في جدولٍ صامت. لكن الحقيقة هي أنَّ هذا تبسيطٌ مُخلٌّ لمعنى أثقل بكثير.

ما هي بيانات الموارد البشرية؟

بيانات الموارد البشرية هي مرآة المؤسَّسة من الداخل. لا تقف عند الإحصاءات، بل تحكي القصص التي لا تُقال؛ قصَّة موظف تغيَّرت وتيرة حضوره، أو فريق فقد الحماس تدريجيًا، أو قسم تتسرَّب منه الكفاءات بصمت.

السؤال الأهم؛ لماذا لا تُعامَل هذه البيانات كأصل إستراتيجي؟ لماذا لا يُستشَار قسم الموارد البشرية حين تُرسَم خطط الشركة الكبرى؟ على الرغم من أنَّه يملك المعلومات التي تصرخ “لدينا مشكلة هنا، ولدينا فرصة هناك.”

السَّبب، في الغالب، يعود إلى الفجوة بين جمع البيانات وبين فَهمها. لدينا الأرقام، نعم. لكنَّنا لا نُحسِن طرح الأسئلة الصحيحة عليها. لدينا الجداول، لكنَّنا نركنها في زاوية الأمان الإداري بدل أن نستخرج منها بوصلة القرار.

في هذا القسم، نحن لا نضع تعريفًا أكاديميًا للبيانات، بل نُحاول أن نُعيد لها وزنها، بوصفها حاسَّة الشركة السادسة، الحاسَّة التي إن أُهمِلَت، سارت المؤسَّسة بعين واحدة، وقرَّرت بساقٍ مُعرقَلة.

هل تحتاج كلُّ شركة فعلاً إلى تتبُّع بيانات الموارد البشرية؟

ربَّما تظنُّ أنَّ هذه رفاهيَّة تخصُّ الشركات الكبيرة فقط. أو تقول لنفسك: “فريقي صغير، ونحن نعمل بروح طيَّبة، فما الحاجة إلى الأرقام والرسوم البيانية؟” هذا المنطق يبدو معقولًا، حتَّى تقعَ في أوِّل مَأزِق.

لحظةُ الأزمة لا تُنذِرُ أحدًا.

فكّر في هذه السيناريوهات:

  • موظف مُهِمٌّ يقدُّم استقالته فجأة، وتدرك أنَّك لم تلحَظ أنَّه كان مُرهَقًا منذ شهور.
  • مشروع يتعثَّر، ثمَّ تكتشف أنَّ الفريق الذي يقوده، يعاني نقصًا في المهارات.
  • معدَّل الإنتاجية ينخفض، لكن لا أحد يملك تفسيرًا واضحًا، لأنَّ المِزاج العام أو الحضور أو ملاحظات التقييم كانت غير مُراقَبة.

في كلِّ مرَّة تتفاجأ فيها، بصفتك مُدير، فذلك لأنَّك لم تراقب العلامات في وقتها. والمُعضِلة الحقيقية أنَّ  العلامات كانت موجودة. لكنَّها كانت مُبعثَرة في رسائل البريد، وفي اجتماعات نهاية الأسبوع، وفي جدول الإجازات الذي لم يراجعه أحد بجدِّية.

البيانات لا تعني الجفاف، بل تعني اليقَظة.

حين تتعامل مع بيانات الموارد البشرية كما تتعامل مع نبضات الجسد، تصبح أكثر قدرة على:

  • استباق المشكلات بدل الانشغال بإطفاء الحرائق.
  • دعم الفِرَق التي تعمل بصمت قبل أن تنهار.
  • اتخاذ قرارات التوظيف والترقية والنقل، بناءً على أدلَّة لا على مشاعر شخصية.

هذه ليست أدوات للشركات الضخمة فقط. بل هي أشبه بعدسة مكبِّرة تُريك ما لا تراه بالعين المجرَّدة، حتَّى لو كان فريقك مكوَّنًا من 10 أشخاص فقط.

نراك بدأت تعي أهمية بيانات الموارد البشرية. وقد تسأل: وهل ثمَّة أنواع محدَّدة من هذه البيانات أحتاج إلى جمعها، لكي أتمكَّن من اتخاذ قرارات إسترتيجية؟

قد يهمُّك: كيف تمكنت شركة تمارا من مكافأة موظفيها بشكل فوري في 9 دول مختلفة؟

أنواع بيانات الموارد البشرية: من الأرقام الجامدة إلى النبض الخفي لأي شركة.

عندما تتعامل الإدارات مع بيانات الموارد البشرية، كثيرًا ما تُجمَع تحت مِظلَّة واحدة، كأنَّها شيءٌ واحد مُتجانِس. لكنَّها في الحقيقة عالمٌ من الأنواع والمستويات، ولكلٍّ منها دورٌ لا يقلُّ عن الآخر في قراءة الواقع.

دعنا نُفرِّق أوَّلًا بين ثلاث طبقات رئيسة:

  1. البيانات التشغيلية (Operational): وتشمل ما يُسجَّل تلقائيًا ضمن النظام اليومي؛ الحضور والانصراف، والرواتب، والإجازات، وتقييمات الأداء الدورية. هذه هي “أرضية المصنع” في مصنع البيانات. ضرورية، لكنها لا تحكي القصَّة كاملة.
  2. البيانات السلوكية (Behavioral): متى يشعر الموظف بالإرهاق؟ هل تغيَّر سلوكه مؤخَّرًا؟ هل تكرَّرت طلباته لنقل القسم؟ هذه البيانات تحتاج إلى مراقبة ذكية وإلى سياق لفَهمها. وغالبًا ما تمرُّ من دون أن تُوثَّق.
  3. البيانات النفسية والمعنوية (Sentiment): ما الذي يُشعِر الموظف بالانتماء؟ ما الذي يُفقده الدافع؟ هذه النوعية لا تُجمَع من النماذج الجاهزة، بل تتطلَّب أدواتًا حديثة لفَهم المِزاج العام داخل الشركة؛ كأن تتبع نبض القلب في شركة من مئات القلوب.

المفارقة أن أكثر الشركات تُغرِق نفسها في البيانات التشغيلية، ثمَّ تشتكي من ضعف الرؤية. في حين أنَّ القوَّة الحقيقية تبدأ عندما نربط بين الأنواع الثلاثة، لنَفهم الصورة النفسية والتنظيمية للموظفين.

في السطور التالية، سنرى كيف تتحوَّل هذه البيانات من حبرٍ على ورق، إلى قرارات تُشكِّل إستراتيجية النموّ.

قد يهمُّك: من الرؤية إلى الإنجاز: إستراتيجيات مهمة لزيادة إنتاجية الموظفين.

كيف تساعدك بيانات الموارد البشرية في اتخاذ قرارات أفضل؟

في أروقة الشركات، تُتَّخذ أغلب القرارات الكبيرة بناءً على أداء السوق، أو أرقام المبيعات، أو ما يفعله المُنافِس.
لكن نادرًا ما يسأل المدير نفسه: هل فريقي قادر على تنفيذ هذا القرار أصلًا؟ هل لدينا إرهاق كامن في أحد الأقسام؟ هل لدينا موظفون على وشك المُغادرة؟ هل  تَسمح المعنويات بخطة توسُّع؟

هنا يأتي دور بيانات الموارد البشرية ويتدخَّل بصفته بوصلة لا مجرَّد تقارير.

دعنا نأخذ مثالًا بسيطًا:

  • شركة تخطط لافتتاح فرع جديد خلال 3 أشهر.
  • الأنموذج التقليدي سيُحلِّل الميزانية، وحجم السوق، وتوقُّعات الإيرادات.
  • الأنموذج الذكي سيسأل أيضًا: هل معدَّل دوران الموظفين لدينا مُرتفِع؟ هل الموظفون الحاليون يشعرون بالدعم؟ مَن هم القادة القادرون على قيادة فرع جديد؟

بهذا الفَهم، تتحوَّل البيانات من أوراق مُهمَلة إلى نظام إنذار مُبكِّر، يُنبِّهك قبل أن تنهار فِرَقك تحت ضغط لا يُرَى في القوائم المالية.

وهنا يأتي دور أدوات مثل حلول رسال للأعمال، التي توفِّر لك نظام مكافأة متكامل يساعدك في:

  • تحفيز الموظفين بهدايا رقمية مؤتمتة (فتتجنَّب خسارة الموظف/القسم الذي يعمل بقوَّة)
  • جمع الاستبيانات من خلال تحفيز الموظفين أو الأقسام المَعنية بالشركة، بهدايا رقمية حين يشاركون في الاستبيان.
  • وغيرها كثير.

أدعوك للاطلاع على حلول رسال للأعمال، لتكتشف بنفسك حجم الفرص التي تقدِّمها إلى الشركات.

المُعادلة بسيطة: القرارات الذكية لا تأتي من الحَدس وحده، بل من بيانات تفهَم الإنسان، لا الأرقام فقط.

حين تكلَّمت البيانات، فسُمِع ما لم يُقَل في الاجتماعات.

في شركة تِقنية ناشئة، بدأت مؤشِّرات النموّ تتباطأ على الرغم من ازدياد عدد الموظفين. كانت الاجتماعات كثيرة، ولكن القرارات قليلة. الإنتاجية تهبط، ومعدَّل الاستقالات يرتفع بهدوء مقلق. كلُّ مَن في الفريق يملك إحساسًا بأنَّ هناك مشكلة، لكن لا أحد يعرف أين بالضبط.

حتَّى جاء من اقترح فكرة بسيطة: فلننظر في البيانات.

تتبَّعوا عدد ساعات العمل الفعلية، وأوقات الحضور والانصراف، وتوزيع المهام بين الأفراد، وتكرار الإجازات المرضية، وتقييمات الأداء الشهرية. حينها فقط، بدأت الصورة تتكوَّن:

  • الموظفون يعملون ساعات طويلة من دون نتائج ملموسة، ما يعني أنَّ المهام غير محدَّدة بوضوح.
  • بعض الأقسام لديها عبء زائد، وأقسام أخرى بالكاد تعمل.
  • القادة المُباشَرون لا يقدِّمون ملحوظات دورية، ممَّا يصيب الفريق بفقدان الاتجاه.

كلُّ هذه الإشارات لم تكُن ظاهرة في الاجتماعات أو تقارير الأداء العام. كانت فقط في بيانات الموارد البشرية، لكنَّ أحدًا لم يلتفت إليها قبل أن تبدأ الأزمة.

بعد تحليل البيانات:

  • أُعيد توزيع المهام بناءً على القدرات الحقيقية لا العناوين الوظيفية.
  • قُنِّنَت ساعات العمل، ورُبِطَت بمُخرَجات فعلية لا بعدد الساعات.
  • أُدخِل نظام دوري لتقييم الأداء المُرتبط بمؤشِّرات محدَّدة، لا بالآراء الشخصية.

ولك أن تتخيَّل النتيجة: في أقلِّ من ثلاثة أشهر، بدأت نسبة الرضى الوظيفي ترتفع، وتقلَّص معدَّل الاستقالات، وزاد الانسجام بين الأقسام. ليست كلُّ مشكلة داخلية تُحَلُّ باجتماع، أحيانًا الحلُّ يبدأ من جدول بيانات قُرِئ بعين مُختلِفة.

أمثلة من الواقع: كيف غيَّرت البيانات مجرى الأمور داخل الفِرَق.

ليس هناك ما هو أبلغ من الحكايات. الأرقام تُقنِع، لكن القصص تُقنِع وتُحرِّك. في هذا القسم، نستعرض مواقف حقيقية شَهِدتها شركات مُختلِفة، صغيرة ومتوسِّطة، كانت تظنُّ أنَّها “تمشي تمام” حتَّى اصطدمت بجدار الحقيقة، ووجدت في بيانات الموارد البشرية طوق نجاة غير مُتوقَّع.

القصَّة الأولى: غياب غير مُسوَّغ، يكشف أزمة صامتة.

في أحد مراكز خدمة العملاء، لاحظ المدير أنَّ أحد الموظفين تغيَّب عن العمل 7 مرَّات خلال شهرين. لم يكُن الأمر لافِتًا في البداية، فالغيابات كانت متفرِّقة، والموظف يؤدِّي عمله جيَّدًا عند الحضور.

لكن عندما راجعوا تقارير الموارد البشرية، ظهرت المفاجأة؛ هذا الموظف كان من بين الأعلى تقييمًا في العام الماضي، ثمَّ بدأ أداؤه في التراجع تدريجيًا، مع ازدياد عدد ساعات العمل الإضافية. الفريق لاحقًا اكتشف أنَّه يمرُّ بضغط نفسي حادّ، نتيجة المهام المُتراكمة وعدم وجود بديل يسانده.

بفضل هذه البيانات، أُعيد توزيع المهام، وقُدِّم دعم نفسي داخلي، فلم يكتفِ الموظف بالعودة فقط، بل أصبح أحد العناصر الأساسية في تحسين بيئة العمل للفريق كاملًا.

القصَّة الثانية: موظفون يغادرون بعد 6 أشهر، دائمًا.

شركة ناشئة في قطاع التِقنية، لاحظت نمطًا غريبًا؛ معظم الموظفين الجُدد يغادرون خلال 6 إلى 8 أشهر من التوظيف. في البداية، ظنَّت الإدارة أنَّ السبب هو عروض أفضل من السوق، أو طبيعة الجيل الجديد.

لكن بتحليل البيانات، ظهر أنَّ السبب الحقيقي هو غياب خطة تأهيل واضحة (onboarding)، وعدم وجود مسار مهني واضح داخل الشركة. ببساطة، الموظفون لم يعرفوا ما ينتظرهم بعد الشهر الثالث، فبدأوا البحث عن فرصة أخرى.

الإدارة أطلقت بعد ذلك برنامجًا تأهيليًّا مدَّته 90 يومًا، ووضعت خريطة طريق مِهنية لكلِّ دور وظيفي. فكانت النتيجة أنَّ نسبة الاستبقاء قفزت من 40% إلى 78% خلال 6 أشهر.

الآن، وصلنا إلى السؤال الأهمّ.

قد يهمُّك: كيف تحدث رقمنة مكافآت الموظفين تغييرًا إيجابيًا؟

كيف تبدأ بتحليل بيانات الموارد البشرية داخل شركتك؟

البيانات ليست للمؤسَّسات الضخمة فقط. وليست بحاجة إلى نظام ERP مُعقَّد أو فريق تحليلات برمجي لتبدأ. ما تحتاج إليه فعلًا هو عقلية جديدة، عقلية ترى في الأرقام حكايات، وترى في الحكايات حلولًا.

أولاً:  اسأل السؤال الصحيح، قبل أن تبحث عن إجابة.

كلُّ مشروع تحليل يبدأ بسؤال واضح.

  • لماذا يغادر الموظفون خلال أوَّل 6 أشهر؟
  • لماذا تراجعت إنتاجية فريق خدمة العملاء؟
  • لماذا يتكرَّر الغياب في قسم واحد دون غيره؟
  • مَن هُم الموظفون المُعرَّضون للاستنزاف؟

تذكَّر دائمًا: البيانات لا تفيدك، إن لم تحدِّد الهدف منها. من دون سؤال، كلُّ رقم يصبح ضجيجًا.

ثانيًا: ابحث عن البيانات في الأماكن التي تملكها فعلًا.

قد تندهش إن عرفت كمَّ البيانات التي تملكها من دون أن تنتبه:

  • نظام الحضور والانصراف؟ مليء بإشارات مُبكِّرة للاحتراق.
  • استبيانات رضى الموظفين؟ كنز دفين من المؤشِّرات.
  • سِجِلُّ الترقيات؟ قد يكشف لك عن تحيُّزات غير مرئية.
  • حتَّى عدد بطاقات الهدايا المُرسَلة إلى موظفيك في المناسبات، قد يحمل رسالة ضِمنية عن ثقافة التقدير في شركتك.

وهنا تظهر حلول مثل “رسال للأعمال” بصفتها جزء من هذا المشهد؛ قد تظنُّ أنَّ رسال مجرَّد وسيلة لإرسال الهدايا، لكنَّها في الحقيقة مصدر بيانات مهمٌّ جدًّا. من خلال لوحة التحكُّم، تستطيع تتبُّع عدد البطاقات المُرسَلة، والمناسبات المُحتفَى بها، وتوزيعها حسب الفِرَق والأفراد؛ وكلُّها مؤشِّرات يمكن ربطها بمستوى رضى الموظفين وانخراطهم.

مثلًا: إذا لاحظت أنَّ قسم التسويق لم يتلقَّ أيَّ مكافآت أو هدايا منذ 4 أشهر، في حين أنَّ الأقسام الأخرى تُكافَأ دوريًا، فربَّما هناك فجوة في التقدير تُترجَم لاحقًا إلى استقالات أو تراجع في الأداء.

ثالثًا: اربط بين النقاط، حتَّى لو بَدَت غير مترابطة.

التحليل يبدأ حين تَجمع البيانات من مصادر مختلِفة، وتطرح الأسئلة التالية:

  • هل الموظفون الذين تلقّوا ترقية قبل عام، ما زالوا مُلتزمين؟
  • هل هناك عَلاقة بين عدد أيَّام الإجازات وبين نتائج الأداء؟
  • هل المكافآت مرتبطة فعلًا بالإنتاجية، أم تُوزَّع بالتساوي؟

عندما تربط هذه العناصر، تبدأ الصورة الكبيرة بالتشكُّل؛ صورة تكشف لك ما وراء الأرقام، وتضع يدك على الجذور لا الأعراض.

رابعًا: لا تحلِّل وحدك، شارك مَن يعيش القصة.

المشكلة ليست دائمًا في البيانات، بل في تفسيرها. لهذا، أشرِك مديري الفِرَق، وموظفي الموارد البشرية، وحتَّى بعض الموظفين أنفسهم، في قراءة الأرقام.

فريق المبيعات قد يرى في “تراجع الأداء” مشكلة عُمولات. في حين أنًّ الموارد البشرية تراه ضغطًا نفسيًا. والإدارة تراه ضعف تدريب. كلُّ تفسير يضيف طبقةً للفَهم، وكلُّ طبقة تقرِّبك من قرارٍ أفضل.

قد يهمُّك: 5 إستراتيجيات فعّالة لتحسين بيئة العمل في 2024.

خُلاصة القول: القرار الذكي يبدأ من رقم صغير.

في النهاية، لا تتعلَّق البيانات بكثرتها، بل بكيفية توظيفها. ليست القيمة في مِلَف Excel يحتوي على مئة عمود، بل في عمود واحد يكشف نمطًا كان خفيًّا، ويغيِّر سياسةً كان من المُفترَض تعديلها منذ شهور.

الشركات التي تفهَم موظفيها رقمًا برقم، همسًا بهمسة، هي الشركات التي تسبق غيرها بخطوات؛ لأن قراراتها لا تُبنَى على الحدس وحده، بل على فَهمٍ عميق لما يجري خلف الكواليس.

وهنا تظهر أهمية أدوات مثل حلول رسال للأعمال، ليس فقط بصفتها وسيلة للتقدير والتحفيز، بل جزء من منظومة تُنير الطريق عبر البيانات؛ كم موظفًا احتُفِيَ به؟ في أيِّ المناسبات؟ كيف تفاعل الفريق؟

كلُّ إجابة عن هذه الأسئلة، يمكن أن تتحوَّل إلى قرار يُحسِّن بيئة العمل، ويزيد من التماسك. البيانات لا تُغيِّر شيئًا من تِلقاء نفسها، ولكن حين تقع بين يدي مدير واعٍ، تَصنع الفَرق.

 

New call-to-action

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد